حدود التعامل مع غير المسلمين ((( الولاء والبراء )))

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبه ولا ولد  والصلاة والسلام على الرسول الامين خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله الذي أرسله الله رحمة للعالمين
ثم اما بعد
((( الولاءوالبراء )))


يجب على كل مسلم أن يفهم جيداً هاتين الكلمتين 
بحيث يستطيع أن يتعامل مع من يخالفه في العقيده دون أن يتخلى عن عقيدته ولا يظلم أو يؤذي من يخالفه
الولاء يكون لله ورسوله فقط
والبراء ان يتبرأ المسلم من كل شئ يسئ أو يتعارض مع شرع الله وسنة رسول الله
لذا سنطرح سؤال لنبني عليه فهمنا للموضوع والسؤال هو
إن كان لديك جار او أحد تعرفه من غير المسلمين كيف تتعامل معه ؟
سنتكلم أولا عن التعامل في الحياة والتعايش
هناك شرطان يترتب عليهما كل شئ وهما
أن يكون الشخص غير المسلم لا يؤذيني في ديني ولا يخرجني من داري
قال الله تعالى
{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8
طالما لم يفعلوا الأمرين السابقين
إذن توجب علينا معاملتهم بالبر والقسط
والبر والقسط هم أعلى درجات حسن المعاملة والعدل 
يعني لا أظلمه ولا أسئ إليه وأعوده في مرضه وأهنئه في فرحه بعيداً عن المناسبات الدينيه يعني إن رزق مولوداً أهنئه إن نجح في شئ أهنئه إن تزوج أهنئه أما المناسبات الدينية لا لانها تعترض مع الدين والعقيده اواسيه في احزانه اساعده واعينه فيما لا يقدر عليه 
وليس هذا فقط بل مثلا إن ظلمك غير المسلم في شئ بعيد عن الدين وكنت قادرا أن تأخذ حقك وترد الظلم يمكنك أن تتصدق ولا تقتص منه فهذا من شيم المسلم 
أظن أنه لا يوجد حسن معاملة او عدل أكثر من ذلك لكن نحن نتحدث عن دين الله لذا مازال هناك المزيد هناك الضامن الذي يضمن تنفيذ تلك القواعد في التعامل
فمن يظلم أو يسئ لأحد من غير المسلمين 
له عقوبه عظيمه في الإسلام
فمن سيأخذ بحق المظلوم في هذه الحاله ليس هو نفسه كما يكون بين المسلمين وبعض لا بل رسول الله نفسه سيكون خصم الظالم يوم القيامه هو من سيأخذ بحق غير المسلم الذي تم ظلمه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من آذى ذميا فأنا خصمه، و من كنت خصمه خصمته يوم القيامة
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 8270
خلاصة حكم المحدث: حسن
وهذا يشمل أى نوع من الظلم حتى ولو كان بان تكلفه بشئ لا يتحمله كالعمل الشاق مثلا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ له شيئا بغير حقه فأنا حجيجه يوم القيامة وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى صدره ألا ومن قتل رجلا له ذمة الله ورسوله حرم الله عليه الجنة, وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا
الراوي: آباء عدة من أبناء أصحاب النبي المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: موافقة الخبر الخبر - الصفحة أو الرقم: 2/184
خلاصة حكم المحدث: حسن 
أظن أن هذا أكثر من كافي لبيان حسن المعاملة وانك أخي المسلم لا يمكنك أن تؤذي من يخالفك في الدين مهما كان السبب طالما لم يقاتلك في دينك ولم يخرجك من دارك
وسأختم هذا الجزء بحكم آخر سبحان الله جل جلاله من سمى نفسه بالعدل والكريم
حتى مع من كفر به
قد يقع غير المسلم في مشكله ويستجير بالمسلم قد يقول المسلم أنا اعامله جيداً ولا أسئ إليه ولا أظلمه إذا لا داعي ان ادخل في مشاكله هذا ليس من شأني
لكن الله يأتي ويشدد على إجارة غير المسلمين بل وتدافع عنه وإن كلفك حياتك بل لو حتى إضطررت أن تدافع عنه ضد مسلمين
قال الله تعالى
{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله ثمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }التوبة6
لا تجيره فقط لا بل إعرض عليه الإسلام فإن لم يرغب بأن يسلم هل تجبره لا طبعا فهذا لا يجوز
قال الله تعالى
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
إذا هل اتركه لا طبعا ولكن كما قال الله تعالى أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ
يعني تظل ملازماً له حتى يصل لمكان يشعر فيه بالأمان ثم إتركه
هذا هو الإسلام هذا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
 وهذه رسالة لغير المسلمين الذين يسعون دائماً لإبعاد المسلم عن دينه لن ينفذ ما سبق الا مسلم متدين عقيدته ثابته فبإبعاد المسلم عن دينه أنت الخاسر
والآن مع الجزء الثاني وهو الخاص بالقلب
قلبي ملكي ليس لأحد أن يقول لي حب هذا أو إكره هذا
وقلب المسلم يجب ان يكون ممتلئ بحب الله وحب ما يحبه الله وبغض ما يبغضه الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يدرك أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يعود في النار
الراوي: - المحدث: ابن العربي - المصدر: أحكام القرآن - الصفحة أو الرقم: 2/442
خلاصة حكم المحدث: صحيح

الولاء كما قلنا سابقا لله ورسوله فقط
لا يجب ان نحب ما يبغض الله عز وجل وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويجب ان نتبرأ من كل ما يبغضه الله

أنا أتعامل مع غير المسلم بالعدل والبر لكن هذا ليس معناه أني احبه 
فأنا لا أستطيع أن أحب من لا يؤمن بالله ويكذب الرسول قلبي لا يمكن أن يجمع الإثنين
وهذا لا يضر المخالف في شئ أنا اعامله بالعدل لأن من أحب أمرني بذلك أما قلبي ليس له شأن به 
وسنضرب مثال لنصل الى المعنى ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى عن كل مثل وشبه
لو علمت أن هناك أحد يكره أبوك ويسبه هل يمكن أن تحبه اكيد لا
لكن أبوك أمرك بان تحسن معاملته ستطيع أبوك لكنك لن تكن حبا لهذا الشخص
فمابالكم بالله وهو أحب الى المسلم من أبوه وأمه وحتى نفسه
حتى ولو كان المخالف هو الأب أو الأم أو أى شخص قريب فلا يمكن أن أحبه وأوده وهو كافر بالله
لكن نبره ونعدل معه وبالأخص الأب والأم يجب ان نحسن لهم أكبر إحسان حتى ولو كانا كافرين فقط لا نطيعهما فيما يغضب الله 
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
قال الله تعالى
{وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }العنكبوت8
وعلينا أن نفرق بين الحب الفطرى للأهل وبين حب الولاء وهو أن نطيعهم او نسايرهم فيما يشركون فيه بالله

وليس لاحد حق في أن يغضب من المخالفين طالما انا أعطيه حقوقه ولا أؤذيه 
أما قلبي ليس له حق فيه كما ليس لي حق في قلبه لا افرض عليه ما أو من يحب أويكره
بكل المقاييس انا أو اى مسلم لا يجوز له أن يحب كافر أيا كانت عقيدته
وسأضرب مثلين على ذلك
 المثال الأول أنا لا أستطيع أن أحب يهودي
لانه سب الله عز وجل 
قال الله تعالى عنهم
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَالله لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64
وكذبوا بنبوة إثنين من الأنبياء
سيدنا المسيح عليه وعلى أمه الصلاة والسلام
وسبوه وإتهموا أمه الشريفه في عرضها لعنة الله عليهم
وكذبوا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
لكني أعاملهم بالقسط إن توافر فيهما الشرطان وهم آلا يقاتلوني في الدين ولا يخرجوني من دياري
وقد سقط هاذين الشرطان عن يهود إسرائيل أو من يناصرهم من اليهود الغربيين

وأنا ايضا لا استطيع ولا يجوز لأى مسلم أن يحب مسيحي
لأنهم يسبون الله بأن إدعوا أن له ولد
 وايضا اليهود فعلوا نفس الشئ
قال الله تعالى
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ }التوبة30

فهذه الدعوه سب لله ولكن ليس نوع السب الذي يسقط عنهم حقوقهم فالله حفظ حقوقهم وهم على هذا الشرك

قال الله تعالى في حديث قدسي
قال الله : كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذبيه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان ، وأما شتمه أياي فقوله لي ولد ، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4482
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

والحب والبغض يكون لله فقط بل يجب ان نحب لهم أكثر ما نحب لانفسنا وهو ديننا أن يرزقهم الله به ويهديهم اليه لكن لا أحبه طالما هو على شركه
لكن أعامله بالقسط والبر وكل ما قلناه سابقاً عن حسن المعاملة لكن الود القلبي لا يجوز ونحن أحرار في قلوبنا
قال الله تعالى
{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22

ومن الود والموالاه كما ذكرنا سابقاً التهنئه بالأعياد الدينية والتي تخالف معتقداً
فيا عباد الله إتقوا الله
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
وهذا فديو يلخص بعض ما سبق
لفضيلة الشيخ / مازن السرساوي